آخر المواضيع
جارى التحميل
السبت، 1 مارس 2014



أية حقوق وأية مواطنة لأطفال الشوارع


طنجة - محمد الطيب بوشيبة

تشير تقارير منظمة اليونيسيف الى أن ظاهرة أطفال الشوارع في المغرب تبدو في ارتفاع مستمر، مؤكدة أن الاسباب الرئيسية لتلك الظاهرة تعود الى الفقر والعنف والاهمال داخل الاسرة او خارجها، وان نسبة من هؤلاء الاطفال أيتام ومعاقون، حيث تقضي فئة منهم معظم وقتها خارج المنزل بحثا عن لقمة العيش، وتؤدي أعمال شاقة وتتعرض للكثير المخاطر والاعتداءات.

هؤلاء الاطفال المشردين، نجد ان غالبيتهم جاء بسبب تزويج القاصرات من رجال يكبرونهم بعشرات السنين، إذ سرعان ما يصبحن هن من يحتجن للغداء والدواء، فلا تجد الام المسكينة بدا من اطلاق ابنائها وبناتها للشوارع، بعد تلقينهم أساليب التسول وكيفية مد اليد للغرباء والبكاء واستعطاف المارة، او النشل والسرقة، حيث تراهم يجوبون الشوارع حفاة ونصف عراة، ويعودون في كل مساء الى امهاتهم او “اوليائهم” ليلقون شقاء يومهم في جحيم احضانهم .

ولعله من العدل أن نقول دون حذر أن نتائج هذه الظاهرة خطيرة و خطيرة بالفعل، ولها تأثير كبير على المجتمع ككل، خصوصا هذه الشريحة التي يفترض أنها تمثل أجيال المستقبل، ويمكن أن نلخصها فيما يلي :

- الانحراف: إن خروج طفل في العاشرة من عمره مثلا إلى الشارع سيؤدي به حتما إلى الانحراف خصوصا أمام عدم وجود رادع ، فهو لن ينجو من إدمان السجائر والكحول و المخدرات، رغم سنه الصغيرة.
- الأمراض: إن وضعية هؤلاء الأطفال في كل المدن المغربية متشابهة، فكلهم يبيتون في الشوارع، حيث يكونون عرضة لكل التقلبات المناخية من برد شديد ، أو حر شديد أو حتى العواصف الخطيرة ، مما ينتج عنه أمراض مختلفة، وليس السل والسرطان بأولها و لا آخرها.
- الإجرام: فنحن لا ننتظر من طفل أن يدرك الصواب من الخطأ وهو محروم من التربية والمأكل والملبس، حيث يتعاطى طفل الشارع للسرقة وقطع الطريق على المارة بكل الوسائل المتاحة من أجل أن يكبح جوعه ويستر جسمه…
- التسول: وهو أيضا وسيلة أخرى من وسائل تحصيل الرزق بالنسبة لهذه الفئة، فإنك تجدهم في إشارات المرور ومواقف السيارات وقرب المطاعم يستجدون المارة علهم يحظون بلقمة تسد رمقهم.
- الاستغلال الجسدي والجنسي: وهذا جانب خطير جدا، حيث توجد بعض المافيات، سواء الأجنبية منها أو المغربية، التي تقوم باستغلال هؤلاء الأطفال إما عن طريق تشغيلهم بأثمان بخسة أو استغلالهم جنسيا، ويكفي أن نعلم أنه تم مؤخرا إلقاء القبض على فرنسي مقيم بالمغرب، كان يستغل عوز هؤلاء الأطفال للاعتداء عليهم جنسيا.
فهذه الظاهرة بصفة عامة تعكس تهميش وإقصاء فئة من المجتمع لحساب شارع محفوف بكل أنواع المخاطر، خاصة أن نسبة من هؤلاء الأطفال يعيشون فترة المراهقة وما ترتبط بها من تغيرات فيزيولوجية واضطرابات نفسية، وهي مرحلة حاسمة في تكوين شخصيتهم، وعلى إثرها تحدد المراحل اللاحقة من نموهم، حيث من المؤكد أن أي تأخير في مواجهة هذه الظاهرة سيجعل الحلول مستقبلا غير ممكنة أو على الأقل ستتطلب مجهودات مضاعفة.
فالظاهرة برزت بوضوح في المغرب خلال العقدين الأخيرين، خاصة في المدن الكبرى والمتوسطة، فرغم عدم توفر إحصائيات دقيقة حول تطور هذه الظاهرة، فإن كل المعطيات والتقديرات المتوفرة تعكس مدى التزايد المضطرد الذي تعرفه، والخطورة المحدقة بمستقبل هؤلاء الأطفال المعرضين لشتى أنواع الانحراف والاستغلال بحكم التجارب القاسية التي يمر منها هؤلاء الأطفال والحرمان من أبسط الحقوق الأساسية.
من هنا يأتي الطابع الاستعجالي للتصدي لخطورة هذه الظاهرة على أجيالنا، وفق مقاربة شمولية ذات بعدين وقائي وعلاجي، تهدف إلى وضع إطار للتعامل مع الظاهرة في أبعادها المختلفة عن طريق تضافر وتنسيق جهود كل المتدخلين من قطاعات حكومية وجماعات محلية وجمعيات متخصصة وقطاع خاص للحد من الظاهرة، غير أن محدودية العمل الجمعوي أمام تفاقم الظاهرة أصبح يستلزم تدخل أطراف أخرى وتحديد أدوارها ومسؤولياتها.
إن الحلول، تلقائيا، تتمثل في القضاء على الأسباب التي ذكرناها آنفا، لكن تجدر الإشارة إلى أن جمعيات رعاية الأطفال في وضعية صعبة تلعب دور هاما و قيما في استئصال جذور هذه الظاهرة من المجتمع المغربي، و تعمل بصفة مستمرة على إنتشال هؤلاء الأطفال من براثن الضياع.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها ، قام المخرج المغربي ” نبيل عيوش” باختيار الطفل ” هشام موسون”، وهو طفل شارع ، للقيام ببطولة فيلمه ” علي زاوا ” ونرجو أن يكون هذا أول الغيث وألا يتوقف الأمر هنا، وأن يحظى باقي الأطفال بفرص ثانية مناسبة للإنخراط في المجتمع، كما نؤكد على ضرورة ان تستثمر الدولة في مجال الطفولة، لأنه اقرب طريق لتحقيق التنمية المستدامة “

0 التعليقات:

إرسال تعليق